الجزء 3: التمثيل: المفاهيم والتعاريف الرئيسية
يجب أن يكون الناس قادرين على المشاركة في السياسة على قدم المساواة. ولكي يحدث ذلك، أي لتحقيق التمثيل الرسمي، يجب إزالة الحواجز القانونية أمام المشاركة السياسية. في السودان، حصلت النساء على حق التصويت والترشح للانتخابات في عام 1964 بعد ثورة أكتوبر. في عام 1965، أصبحت فاطمة أحمد إبراهيم أول امرأة تنتخب في البرلمان السوداني والأولى في العالم العربي. ومع ذلك، فإن الوصول والفرصة الرسميين لا يضمنان أن المجموعات الممثلة تمثيلاً ناقصًا ستصوت أو تترشح أو تصعد في صفوف القيادة السياسية. على الرغم من ان النساء يشكلن نصف سكان العالم، إلا أن تمثيلهن في المجالس التشريعية لا يزال منخفضًا، بما في ذلك السودان.
بالإضافة إلى القدرة على المشاركة في السياسة إما كمرشحين/ات أو ناخبين/ات، من المهم النظر فيما إذا كانت الهيئات الحاكمة تعكس الخصائص الديموغرافية الرئيسية لأولئك الذين ينتخبونهم؛ أي أن هذه المؤسسات لها تمثيل وصفي[i]. في السودان، كان التمثيل الوصفي للنساء دائمًا منخفضًا على الرغم من إزالة الحواجز الرسمية أمام المشاركة السياسية في عام 1964. قبل عام 2005، كانت النساء يشغلن أقل من 10 ٪ من مقاعد الجمعية الوطنية. قفزت هذه النسبة إلى 18 ٪ بعد إجازة اتفاقية السلام الشامل ولاحقاً ارتفعت إلى 25 ٪ بعد إدخال الكوتا الجندرية في عام 2008[ii]. وعدت الوثيقة الدستورية لعام 2019، وهي اتفاق تفاوضي بين الجيش وقوى الحرية والتغيير، بحصة 40 ٪ للنساء، لكن الجمعية التشريعية لم يتم تعيينها أبدًا قبل انقلاب أكتوبر العسكري.
هناك العديد من الحجج القائمة على أسس جيدة لزيادة التمثيل الوصفي للنساء. إن وجود المجموعات المهمشة في المناصب القيادية، على سبيل المثال، يعطي أولئك الذين كانوا في السابق مجموعات مستبعدة شعورًا بانهم مشاركين/ات وان صوتهم/هن مسموع[iii]. يساعد وجودهم أيضًا في مواجهة التصور بأن المجموعات المهمشة "لا تصلح للحكم" [iv]. ترسل النساء السياسيات إشارة قوية إلى الرجال والفتيان بأن النساء أيضًا يمكنهن القيادة. يمكن لمجموعة مشتركة من الخصائص المرئية مع الناخبين/ات، مثل النوع الاجتماعي، أن تزيد أيضًا من الثقة في السياسيين/ات.
تظهر الأبحاث أن النساء السياسيات يعملن كنماذج يحتذى بها للفتيات الصغيرات. فهن يرفعن من تطلعات الفتيات المهنية، والتحصيل العلمي، والمشاركة المدنية، واحترام الذات[v]. في الهند، تؤدي تجربة التعرض للقيادة النسائية إلى تقليل تحيز النوع الاجتماعي ضد النساء في الحياة العامة وفرص أفضل للتصويت للنساء في الانتخابات المستقبلية[vi].
يمارس الناخبون الذين يشتركون في الخصائص الوصفية مع ممثليهم السياسيين في بعض الأحيان "الولاء الأعمى" من خلال تقييم السياسيين على أسس غير سياسية[vii]. يمكن أن تؤدي مشاركة الخصائص الوصفية مع السياسيين إلى خلق شعور زائف بالأمان مع الناخبين الذين يعتقدون أن تفضيلاتهم السياسية يتم تمثيلها في حين أنها في الواقع ليست كذلك. سيكون من الخطير، على سبيل المثال، افتراض أن جميع النساء السياسيات يتبعن أجندة نسوية. تمثل ممثلات النساء منصات أيديولوجية مختلفة، والتي تترجم إلى أفكار مختلفة حول ما هي مصالح النساء [ix].
في السياقات التي يشكل فيها الدين انقسامًا مؤثرا، يمكن تعبئة النساء المحافظات ضد ضغط النسويات من أجل مساواة النوع الاجتماعي. في السياق السوداني، عادة ما تأتي النساء الممثلات في البرلمان من خلفيات متميزة؛ نساء مسلمات من مجموعات عرقية معينة حاصلة على تعليم عالٍ. لم تشعر النساء خارج المراكز الحضرية ومن المناطق المهمشة والجماعات العرقية والدينية بالضرورة بتمثيل جيد من قبل البرلمانيات. في سياق نظام البشير الاستبدادي (1989-2019)، كان لدى معظم النساء اللواتي دخلن البرلمان وجهة نظر أيديولوجية إسلامية معينة أصبحت محل نزاع متزايد، وآخرها في ثورة ديسمبر.[x]
بالإضافة إلى تأثير التمثيل الوصفي على الناخبين/ات، فإنه يؤثر أيضًا بشكل كبير على النساء السياسيات وسلوكهن بمجرد توليهن المنصب. تميل الهيئات التشريعية الوطنية إلى أن تكون مساحات ذكورية لها اعراف خاصة مرتبطة بها. الاحتفالات والطقوس البرلمانية متحيزة لصالح الرجال ، وغالبًا ما تكون ساعات الجلوس لصالح الرجال وغير ودية للأسرة وأساليب النقاش هجومية. واجهت البرلمانيات في تركيا وزامبيا، على سبيل المثال، مقاومة لارتداء السراويل في الغرف التشريعية،[xi] بينما تم توبيخ النساء في مجلس العموم لإحضار أطفالهن إلى العمل (BBC 2021). وبالتالي، فإن وجود المزيد من المشرعات في هذه المؤسسات الحاكمة امر مهم لمشاعر التمكين والرفقة للنساء[xii]. تكون المشرعات أكثر قدرة على التحكم في مناقشات السياسة وإسماع أصواتهن عندما تكون هناك نساء أخريات في مناصب سلطة مماثلة[xiii].
من المهم زيادة عدد النساء في البرلمانات، لكن هذه الزيادة لا تكفي لخدمة مصالح النساء. يجب على السياسيين/ات أيضًا الدفاع عن قضايا ومصالح أولئك الذين يمثلونهم[xiv]. في حين أن التمثيل الوصفي يدور حول من هو الممثل، فإن التمثيل الموضوعي يدور حول ما يفعله الممثل، بما في ذلك صياغة التشريعات والتصويت على مشاريع القوانين. تظهر الأبحاث أن النساء لديهن تفضيلات سياسية مختلفة عن الرجال[xv]. تترجم هذه التفضيلات المختلفة أحيانًا إلى اختلافات في القانون. مصالح النساء هي تلك التي تؤثر على النساء كنساء (مثل الصحة الإنجابية والعنف القائم على النوع الاجتماعي )؛ ترتبط بالأدوار التقليدية للنساء كمقدمات خدمات الرعاية (مثل الأمومة والأطفال)؛ أو ترتبط بالمجال الاجتماعي الذي تشغله النساء على نطاق أوسع (الرعاية الصحية والتعليم).
تظهر الأبحاث أنه مع ارتفاع أعداد النساء في الهيئات التشريعية، فإنهن يملن إلى مناصرة الأطفال والأسر والفقراء في اغلب الاحيان[xvi]. في أمريكا اللاتينية وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، كلما زاد عدد المُشرعات، زاد احتمال أن تستهدف السياسات الموضوعة النساء والأطفال والأسر[xvii].
يعتمد نجاح التمثيل الموضوعي على أن يكون لدى المشرعين/ات مواقف وتفضيلات معينة عند العمل كممثلين/ات؛ تزيد أنشطتهم/هن من احتمالية التحول المؤسسي والسياسي. التمثيل الموضوعي هو عملية – جهود المشرعين/ات لوضع جداول